الحمد لله كاشف البلاء , باسط الأرض ورافع السماء , خلق الخلق واختار منهم أصفياء .
يحبهم ويحبونه . فباعد بينهم وبين أعمال الأشقياء , فتقبل منهم أحسن ما عملوا وتجاوز عن سيئاتهم يوم اللقاء .
وسبحان من خلق الجنة وجعلها للمتقين داراً , وخلق النّار وجعلها للأشرار قراراً .
وألهم قلوب الأبرار أن يلتمسوا من سبل الهدى أنواراً , فتكشفت لهم حجب الأستار ,
فأبصروا من النور أسرار . نالوا بها رضا العزيز الغفّار , فسلكوا طريق الجنّات وفازوا بعلا الدرجات . فتولى ربهم أمرهم في الحياة وبعد الممات .
" نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة "
::::::: سلسلة الطريق إلى الجنة :::::::
سلسة رقيقة
نتناول فيها بعض الوصايا والأخلاق التي تحلّى بها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم
لتكون طريقنا إلى الجنه
والتى وصّى بها أصحابه ونحن من بعدهم
نطوف مع تلك الأحاديث العطِرة لنستلهم الدروس والعبِر .
ونسعى سوياً حول مسراج النبوة وموطن الخلق ومنبع الفضيلة
وقدوتنا وأسوتنا
كما قال ربي
" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة "
أول وصيه نتكلم عنها
إنها وصيه " الصبر "
" وبشِّر الصابرين "
[size=21]إننا اليوم مع وصيه , فقدها كثير من الناس في هذا الزمان إلا من رحم ربي .
وصيه نرى نتاج تركها جليّاً أمام أعيننا .
إنه الصبر
ولكن قبل أن نسوق الأحاديث عن الصبر تعالى نعرف سوياً ما هو الصبر
تعريف الصبر
الصبر لغة هو الحبس والمنع , واصطلاحاً الصبر هو حبس النفس عن الجزع، واللسان عن الشكوى، والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب ونحوهما. وهو خُلق فاضل من أخلاق النفس، يُمتنع به من فعل ما لا يُحسن ولا يَجْمُل. وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها. وقيل: ( هو المقام على البلاء بحسن الصحة كالمقام مع العافية ). ومعنى هذا أن لله على العبد عبودية في عافيته وفي بلائه، فعليه أن يحسن صحبة العافية بالشكر، وصحبة بلاء بالصبر.
وسئل عنه الجنيد فقال: ( هو تجرع المرارة من غير تعبس ). وقال ذو النون: ( هو التباعد عن المخلفات، والسكون عند تجرع غصص البلية، وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحات المعيشة ).
الصبر من واحة السنة
قال رسول الله
عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له . رواه مسلم .
قال رسول الله
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: " من يرد اللَّه به خيرا يصب مِنْه "
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال:
{.. ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر } [رواه البخاري ومسلم].
الصبر من كتاب الله
" وَبَشّرِ الصّابِرينَ (155) الّذِينَ إذَآ أصَا بَتتهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّآ إلَيهِ راجِعُونَ (156) أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌُ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ "
" وَالصّابِرِينَ فِي البأسآء وَالضّرآء وَحِينَ البأسِ أُولَئِكَ الّّذَينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَقُونَ "
" يآأيُهَا الّذِينَ ءَامَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلَكُم تُفلِحُونَ "
" وَاصبِر وَمَا صَبُركَ إلا بِاللّهِ "
جولة في رحاب الصبر
أنواع الصبر
إنها أنواع ثلاث كما اتفق أهل العلم عليها وهم
1:- صبر على الطاعة
فهو صبر على الشدائد؛ لأن النفس بطبعها تنفر عن كثير من العبادات، فهي تكره الصلاة بسبب الكسل وإيثار الراحة، وتكره الزكاة بسبب الشح والبخل، وتكره الحج والجهاد للأمرين معاً، وتكره الصوم بسبب محبة الفطر وعدم الجوع، وعلى هذا فقس. فالصبر على الطاعات صبر على الشدائد.
والعبد يحتاج إلى الصبر على طاعته في ثلاث أحوال:
الأولى: قبل الشروع في الطاعة بتصحيح النية والإخلاص وعقد العزم على الوفاء بالمأمور به نحوها، وتجنب دواعي الرياء والسمعة، ولهذا قدم الله تعالى الصبر على العمل فقال: إلا الّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصا لِحاتِ [هود:11].
الثانيه: الصبر حال العمل كي لا يغفل عن الله في أثناء عمله، ولا يتكاسل عن تحقيق آدابه وسننه وأركانه، فيلازم الصبر عند دواعي التقصير فيه والتفريط، وعلى استصحاب ذكر النية وحضور القلب بين يدي المعبود.
الثالثة: الصبر بعد الفراغ من العمل، إذ يحتاج إلى الصبر عن إفشائه والتظاهر به للرياء والسمعة، والصبر عن النظر إلى العمل يعين العجب، والصبر عن الإتيان بما يبطل عمله ويحيط أثره كما قال تعالى:
" لاَ تُبطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِ وَالأذَى "
فمن لا يصبر بعد الصدقة عن المن والأذى فقد أبطل عمله.
2:- صبر عن المعصية
ويكون بحبس النفس عن متابعة الشهوات، وعن الوقوع فيما حرم الله. وأعظم ما يعين عليه ترك المألوف، ومفارقة كل ما يساعد على المعاصي، وقطع العادات، فإن العادة طبيعة خاصة، فإذا إنضمت العادة إلى الشهوة تظاهر جندان من جند الشيطان على جند الله، فلا يقوى باعث الدين على قهرهما. ولهذا قال النبي صلى الله عليه، وسلم:
{.. وحفت النار بالشهوات } وذلك لأن النفوس تشتهيها وتريد أن تقتحم فيها، فإذا حبس الإنسان نفسه عنها وصبر على ذلك كان ذلك خيراً له.
3:- صبر على البلاء
قال الله تعالى: وَلَنَبلُوَنّكُم بِشَىءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثّمَراتِ وَبَشِرِ الصّابِرينَ . ويكون هذا الصبر بحبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله تعالى، والقلب عن التسخط والجزع، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوها.
فالصبر من العبد عند وقوع البلاء به هو اعتراف منه لله بما أصاب منه واحتسابه عنده ورجاء ثوابه، فعن أم سلمة قالت: قال رسول الله : { إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها، وأبدل لي بها خيراً منها } [رواه أبو داود].
فلما احتضر أبو سلمة قال: ( اللهم اخلفني في أهلي خيراً مني ). فلما قبض قالت أم سلمة: ( إنا لله وإنا إليه راجعون، عند الله أحتسب مصيبتي ). فانظر عاقبة الصبر والاسترجاع ومتابعة الرسول والرضا عن الله إلى ما آلت إليه. ونالت أم سلمه نكاح أكرم الخلق على الله محمد
.
مراتب الصبر
وهي ثلاثة كما ذكر ابن القيم رحمه الله:
الأولى: الصبر بالله،
ومعناها الاستعانة به، ورؤيته أنه هو المُصيّر، وأن صبر العبد بربه لا بنفسه، كما قال تعالى:
وَاصبِر وَمَا صَبرُكَ إلا بِاللّهِ
يعني: إن لم يُصبرك الله لم تصبر.
الثانية: الصبر لله،
وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله تعالى، وإرادة وجهه والتقرب إليه، لا لإظهار قوة نفسه أو طلب الحمد من الخلق، أو غير ذلك من الأغراض.
الثالثة: الصبر مع الله،
وهو دوران العبد مع مراد الله منه ومع أحكامه، صابراً نفسه معها، سائراً بسيرها، مقيماً بإقامتها، يتوجه معها أينما توجهت، وينزل معها أينما نزلت، جعل نفسه وقفاً على أوامر الله ومحابه، وهذا أشد أنواع الصبر وأصعبها، وهو صبر الصديقين.
قال الجنيد: ( المسير من الدنيا إلى الآخرة سهل هين على المؤمن، وهجران الخلق في جنب الله شديد، والمسير من النفس إلى الله صعب شديد، والصبر مع الله أشد ).
علُّمني رسول الله
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: (اتقي الله واصبرري) قالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى).
فهل أنت ممن يصبر عند الصدمة الأولى
وعَنْ أبي سعيد وأبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "ما يصيب المسلم مِنْ نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر اللَّه بها مِنْ خطاياه"
ما هذا الثواب العظيم الشوكة الشوكة الشوكة تشاكها فتصبر فتثاب عليها .
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال:
" ليس الشديد بالصُرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه
عند الغضب"
الصبر في بيت النبوة
ومن يصبر مثلك صبرك يا رسول الله , أنظر معي حينما مات ابنه صلى الله عليه وسلم
ماذا قال
" إن العين لتدمع وإن القلب لحزن وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون , ولا نقول غلا ما يرضي ربنا ,إنا لله وإنا إليه راجعون .
يموت ابنه ويصبر ولا يفعل كما نفعل .
بل وخذ هذا الحديث في مصيبة الموت .
قال ربي للملائكة
" أقبضتم فلذة كبد عبدي قالوا نعم قال الله فماذا قال عبدي ؟ قالوا حمدك وشكرك فقال ابنو لعبدي بيتا في الجنة وسموه ((( بيت الحمد ))) "
ما هذا الصبر أين انت من هذا الخلق أيها اللبيب الحبيب
ولقد أبتلى الله نبيه حينما طعنوا المناقين في عفة الصديقة بنت الصديق الحصان الرزان المبرئة من فوق السماء
فماذ فعل " صبر ورب الكعبة " صبر شهراً لم ينزل الله وحيه شهراً على النبي .
فضل الصبر
للصبر فضائل كثيرة منها: أن الله يضاعف أجر الصابرين على غيرهم، ويوفيهم أجرهم بغير حساب، فكل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر، قال تعالى: " إنَمَا يُوَفَى الصَابِرُونَ أجّرَهُم بِغَيرٍ حِسابٍ " . وأن الصابرين في معية الله،
فهو معهم بهدايته ونصره وفتحه، قال تعالى: " إنّ الله مَعَ الصّابِرينَ ". قال أبو على الدقاق: ( فاز الصابرون بعز الدارين لأنهم نالوا من الله معية ).
وأخبر سبحانه عن محبته لأهله فقال: " وَاللّهُ يُحِبُ الصّابِرِينَ " وفي هذا أعظم ترغيب للراغبين.
وأخبر أن الصبر خير لأهله مؤكداً ذلك باليمين فقال سبحانه: " وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصَابِريِنَ ".
وجمع الله للصابرين أموراً ثلاثة لم يجمعها لغيرهم وهي: الصلاة منه عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إياهم،
قال تعالى: " وَبَشّرِ الصّابِرينَ (155) الّذِينَ إذَآ أصَا بَتتهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّآ إلَيهِ راجِعُونَ (156) أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌُ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ " .
من كلا م السلف في الصبر
1 - قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( وجدنا خير عيشنا بالصبر ) وقال أيضاً: ( أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريماً ).
2 - وقال علي رضي الله عنه: ( ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس بار الجسد ). ثم رفع صوته فقال: ( ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له ) وقال أيضاً: ( والصبر مطية لا تكبو ).
3 - وقال الحسن: ( الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده ).
4 - وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ( ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعوضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه ).
5
- وقال سليمان بن القاسم رحمه الله: ( كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر ).
6 - وقال ميمون بن مهران رحمه الله: ( الصبر صبران: فالصبر على المصيبة حسن، وأفضل منه الصبر عن المعصية)
وقال أيضاً: ( ما نال أحد شيئاً من جسم الخير فما دونه إلا بالصبر ).
وقال بعض السلف وقد عُزِي على مصيبة وقعت به: ( مالي لا أصبر وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال، كل خصلة منها خير من الدنيا وما عليها ).
ومنها أيضاً أن الله علق الفلاح في الدنيا والآخرة بالصبر، فقال: يآأيُهَا الّذِينَ ءَامَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلَكُم تُفلِحُونَ فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور.
موقف وعبرة
أحد السلف كان أقرع الرأس ، أبرص البدن ، أعمى العينين ، مشلول القدمين واليدين، وكان يقول :
"الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق وفضلني تفضيلاً " فَمَرّ بِهِ رجل فقال له : مِمَّ عافاك ؟ أعمى وأبرص وأقرع ومشلول . فَمِمَّ عافاك ؟
فقال : ويحك يا رجل ! جَعَلَ لي لساناً ذاكراً ، وقلباً شاكراً ، وبَدَناً على البلاء صابراً !
سبحان الله أما إنه أُعطي أوسع عطاء
قال عليه الصلاة والسلام : من يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر . رواه البخاري ومسلم .
أمور تقدح في الصبر وتنافيه
لما كان الصبر حبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله، والقلب عن التسخط والجزع، والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب وخمش الوجوه، ونحو ذلك، كان ما يقع من العبد عكس ما ذكرته قادحاً في الصبر، منافياً له، ومن هذه الأمور:
1 - الشكوى إلى المخلوق، فإذا شكا العبد ربه إلى مخلوق مثله فقد شكا من يرحمه ويلطف به ويعافيه وبيده ضره ونفعه إلى من لا يرحمه وليس بيده نفعه ولا ضره. وهذا من عدم المعرفة وضعف الإيمان. وقد رأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى آخر فاقة وضرورة فقال: ( يا هذا، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ ).
ثم أنشد:
وإذا عرتك بلية فاصبر لها *** صبر الكريم فإنه بك أعلمُ وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما *** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحمُ
ولا ينافي الصبر الشكوى إلى الله، فقد شكا يعقوب عليه السلام إلى ربه مع أنه وعد بالصبر فقال: " إِنَّما أشكُوا بَثِي وَحُزنِي إلى اللّهِ ".
ولا ينافي الصبر أيضاً إخبار المخلوق بحاله؛ كإخبار المريض الطبيب بحاله، وإخبار المظلوم لمن ينتصر به، إذا كان ذلك للإستعانة بإرشاده أو معاونته على زوال الضر.
2 - ومما ينافي الصبر ما يفعله أكثر الناس في زماننا عند نزول المصيبة من شق الثياب، ولطم الخدود، وخمش الوجوه، ونتف الشعر، والضرب بإحدى اليدين على الأخرى، والدعاء بالويل، ورفع الصوت عند المصيبة، ولهذا برىء النبي صلى الله علية وسلم ممن فعل ذلك.
ولا ينافي الصبر البكاء والحزن من غير صوت ولا كلام محرم، قال تعالى عن يعقوب: " وَابيَّضَت عَينَاهُ مِنَ الحُزنِ فَهُوَ كَظِيم ". قال قتادة: ( كظيم على الحزن، فلم يقل إلا خيراً ).
3- ومما يقدح في الصبر إظهار المصيبة والتحدث بها. وقد قيل: ( من البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة ). وقيل أيضاً: ( كتمان المصائب رأس الصبر ).
4- ومما ينافي الصبر الهلع، وهو الجزع عند ورود المصيبة والمنع عند ورود النعمة، قال تعالى: " إِنْ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إذا مَسَهُ الشَرُ جَزُوْعاً (20) وَإذا مَسَهُ الخَيَرُ مَنُوْعاً ".
قال عبيد بن عمير: ( ليس الجزع أن تدمع العين ويحزن القلب، ولكن الجزع القول السيىء والظن السيىء ). وقال بعضهم: مات ابن لي نفيس، فقلت لأمه: اتقي الله واحتسبيه عند الله، واصبري. فقالت: مصيبتي به أعظم من أن أفسدها بالجزع.
بعدما طوّفنا مع هذ الخلق الكريم
أين نحن منه يا رجال اين نحن من خلق الصوم فالصوم هو الصبر
اللهم أرزقنا الصبر عند البلاء وبعد البلاء وعند النعماء إنك مجيب الدعاء
وأخيراً أسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر، وأن يجعلنا من الصابرين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.